حكاية الصحفي الأمريكي من أصل (إيراني) الذي عمل مخبرا للأسد ووسيطا للجزيرة


كشفت الرسائل المسربة المنسوبة للرئيس السوري بشار الأسد عن الدور الذي لعبه بعض الأفراد ممن لا دخل لهم بالنظام السوري من قريب أو بعيد في نقل وقائع ما يجري على الأرض للرئيس وحاشيته، وليساهموا في الكشف عن معلومات سرية قد تهم أركان النظام حول تحركات المعارضة وتجمعاتهم في المدن المحاصرة.
أحد أبرز هؤلاء كان الصحفي الأمريكي من أصل إيراني نير روزين، الذي يعرّف عن نفسه في رسالة إلكترونية بعثها إلى هديل العلي بتاريخ 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 بأنه "كاتب ومستشار يمتلك خبرة واسعة في الشرق الأوسط. فقد قضى السنوات الثمانية الأخيرة يعمل في العراق، إضافة إلى الصومال، وكينيا، وأوغندا، والكونغو، ومصر، وسوريا، وفلسطين، والأردن، واليمن، وتركيا، وأفغانستان، وباكستان، ويوغسلافيا سابقا، والمكسيك، ودول أخرى."
وقد برز دول روزين بشكل واضح في تقديم الاستشارات الإعلامية للأسد من خلال رسائل تبادلها مع مستشارة الأسد هديل العلي. ففي رسالة يعود تاريخها إلى 12 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، وحملت عنوان "مقترح الجزيرة"، كتب روزين يقول: "فيما يلي بعض من الأفكار حول الأسباب التي قد تدفع الرئيس إلى الحديث للجزيرة الإنجليزية... فهو حتى اليوم لم يخاطب سوى الشعب السوري. فعندما يتحدث عبر الإعلام السوري، يخاطب شريحة محددة من الناس، وهو غير مضطر للإجابة على أسئلة جوهرية ومهمة. لذا أعتقد أن الوقت قد حان للحديث إلى العالم بأكمله عبر وسيلة إعلامية عالمية."
وقد تحدث روزين كذلك حول العلاقة التي يجب أن يبنيها الأسد مع شبكة الجزيرة، فكتب يقول في الرسالة ذاتها: "لم لا تواجه الجزيرة وجمهورها مباشرة؟ فحتى اليوم لم يستمعوا إليك بشكل مباشر... وإن كانت هذه حربا إعلامية، فعليك تحدي عدوك ومواجهته والرد على اتهاماته. فعبر الجزيرة يمكنك مخاطبة صناع القرار حول العالم."
ومن خلال هذه الرسائل، يفصح روزين عن دوره المباشر في الترويج للنظام، إذ كتب يقول: "لقد نجحت في جعل الجزيرة تعرض المظاهرات الموالية للحكومة في سوريا، وأن لدى الرئيس بشار الأسد ونظامه موالين كثر، إضافة إلى وجود مجموعات مسلحة بشكل قطعي يهاجمون قوات الأمن السورية."
وقال روزين إن لدى الأسد فرصة لتقديم نفسه بصورة جيدة من خلال مقابلة مباشرة مع الجزيرة الإنجليزية تماما كما فعل الرئيس الإيراني أحمدي نجاد قبل نحو شهر، بحسب روزين.
وكانت العلي قد بعثت برسالة روزين إلى الأسد قائلة: "لقد التقيت بالصحفي روزين بالأمس، وقد كان يكتب مقالات إيجابية حول سوريا، يصف فيها الجماعات المسلحة التي تهاجم قوات الأمن، كما أنه يقدم العلويين بصورة مشرقة. لقد حصل روزين على التغطية من خالد وفريقه، وجاب أرجاء مختلفة من سوريا لشهرين كاملين."
ويظهر أيضا الدور "الاستخباراتي" الذي لعبه روزين في الأزمة السورية من خلال رسالة بعثها خالد الأحمد، وهو مستشار أمني خاص بالأوضاع في حمص وحماة وإدلب، إلى الرئيس الأسد يقول فيها: "وصلني من مصدر مقرب أن شحنة كبيرة من الأسلحة قادمة من ليبيا ستصل إلى شواطئ إحدى الدول المجاورة خلال ثلاثة أيام، ليتم تهريبها إلى سوريا، و هي أسلحة متطورة، وعلى الأغلب سيكون أحد موانئ طرابلس غير الشرعية. التعليمات الواردة للجماعات تفيد بتخفيف الاشتباكات مع الدولة حرصا على أرواح مقاتليهم إلى حين وصول هذه الاسلحة."
وتابع خالد بالقول: "استطاع الصحفي نير روزن الدخول إلى بابا عمر (المغلقة)، وأعلمني أن عدة وفود صحفية غربية دخلت إلى المنطقة بعد عبورها غير الشرعي من الحدود اللبنانية، منها وفد صحفي فرنسي وألماني، وأن المقاتلين يجولون علنا في الشوارع وخاصة من يسمون انفسهم كتائب خالد بن الوليد."
وقد حاولت cnn بالعربية الاتصال بنير روزن للحصول على تعليق، إلا أنه لم يجب على الأرقام الهاتفية الواردة في رسائله الإلكترونية.
وكان روزن نفى في تصريح لصحيفة التلغراف البريطانية ما ورد في هذه الرسائل من اتهامات بالتجسس لصالح النظام السوري، وأكد أن المراسلات الوحيدة بينه وبين النظام اقتصرت على روابط لأخبار نشرت على مواقع إلكترونية، قائلا "إن مسؤولين أمنيين سوريين كانوا على علم مسبق بوجود صحفيين غربيين تم تهريبهم إلى بعض المدن السورية."
ونفى روزن أن يكون قد عمل "مخبرا صحفيا" للأسد، قائلا إن رصاص قوات الأمن السورية استهدفته خلال وجوده في حمص، وأن "أعماله الصحفية تتحدث عن نفسها."
يذكر أن بعضا من هذه الرسائل الإلكترونية وردت باللغة الإنجليزية، وقامت cnn بالعربية بترجمتها حرفياً، بعد حصول الشبكة عليها من أحد المصادر في المنطقة، علماً أنه لا يمكن التأكد من مصداقيتها.