نعود لكم من جديد في سلسلة "علماء الأمة" وهي سلسلة أسبوعية أطلقناها لنتحدث وإياكم عن أعظم من نهل من العلم وردَّ لهذا العالم بعضاً مما فتح الله به عليه، فتاريخنا وحاضرنا يزخر بمن يستحقوا أن نتذكرهم ونتحدث عن عظمة إنجازاتهم.
غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام المعروف بـ عمر الخيام وُلد عام 1048 ميلادي، في مدينة نيسابور، خراسان، إيران ومات فيها عام 1131 ميلادي، عمر الخيام عالِم وفيلسوف وشاعر فارسي مسلم، تخصص في الرياضيات والفلك والفقه والتاريخ.
وقيل أنه لقب بالخيام نسبة إلى حرفة أبيه، ورأى آخرون بأنه اختاره لقباً لنفسه متوخياً البساطة والسذاجة، وقيل أن الخيام اسم قبيلة عربية وهم يميلون إلى أن أصله عربي. ويعد الخيام أول من اخترع طريقة حساب المثلثات ومعادلات جبرية من الدرجة الثالثة بواسطة قطع المخروط وهو صاحب الرباعيات المشهورة رباعيات الخيام.
كان الخيام في صباه يدرس مع صديقين حميمين، وتعاهد ثلاثتهم على أن يساعد من يأتيه الحظ الآخرين، وهذا ما كان. فلما أصبح صديقه نظام الملك وزيراً للسلطان "ألب أرسلان" ثم لحفيده "ملكشاه"، خصص له راتباً سنوياً يتقاضاها من بيت المال كل عام، من خزينة نيسابور، فضمن له العيش في رفاهية مما ساعده على التفرغ للبحث والدراسة، وقد عاش معظم حياته في نيسابور وسمرقند.
كان يتنقل بين مراكز العلم الكبرى مثل بخاري وبلخ وأصفهان؛ رغبة منه في التزود من العلم، وتبادل الأفكار مع العلماء. وكان ينهل العلم من أستاذه أبو الحسن الأنباري الحكيم والذي اشتهر في علم الهندسة، ومن تلامذته أبو المعالي عبدالله الميانجي، وعلي بن محمد الحجازي الطبيب.
رغم شهرة الخيام برباعيته بكونه شاعراً إلا أنه كان أيضاً من علماء الرياضيات، واشتهر بالجبر واشتغل في تحديد التقويم السنوي للسلطان "ملكشاه"، والذي صار فيما بعد "التقويم الفارسي" المتبع إلى اليوم، وهو أول من استخدم الكلمة العربية "شي" التي رسمت في الكتب العلمية البرتغالية (Xay) وما لبثت أن استبدلت بالتدريج بالحرف الأول منها (x) الذي أصبح رمزاً عالمياً للعدد المجهول، وقد وضع الخيام تقويماً سنوياً بالغ الدقة، وقد تولى الرصد في مرصد أصفهان.
(معادلة المكعب والتقاطع مع المخروط كما كتبت في مخطوطة محفوظة في جامعة طهران باللغة الفارسية وفى مقدمتها باللغة العربية "هذه رسالة بسم الله الرحمن الرحيم")
وتعود شهرة "الخيام" إلى عمله في الرياضيات حيث حلّ معادلات الدرجة الثانية بطرق هندسية وجبرية، كما نظم المعادلات وحاول حلها كلها، ووصل إلى حلول هندسية جزئية لمعظمها. وقد بحث في نظرية ذات الحدين عندما يكون "الأس" صحيحاً موجباً، ووضع طرقاً لإيجاد الكثافة النوعية، كما برع في الفلك أيضاً، وقد طلب منه السلطان "ملكشاه" مساعدته في تعديل التقويم الفارسي القديم، ويقول "سارطون" إن تقويم الخيام كان أدق من التقويم الجريجوري.
(ضريح عمر الخيام في نيسابور في إيران)
ومن مؤلفاته المشهورة في اللغة العربية، "شرح ما أشكل من مصادرات كتاب أقليدس" ، "الإحتيال لمعرفة مقداري الذهب والفضة في جسم مركب منهما، وفيه طريقة قياس الكثافة النوعية" ، "رسالة في الموسيقى" . وبالنسبة لمؤلفاته "رباعيات الخيام" التي كتبت بالفارسية وترجمت إلى الإنجليزية والعربية، فلم يفكر أحد ممن عاصره أن يجمع الرباعيات، وأول ظهور لها كان بعد رحيله بثلاثة قرون ونصف، وأول ترجمة للرباعيات كانت للغة الإنجليزية وظهرت سنة 1859 ميلادي، وقام الشاعر المصري "أحمد رامي" بترجمتها إلى اللغة العربية.
وهذا مقطع من رباعيته المشهورة التي يظهر فيها توجهه الديني
إن لم اكن اخلصت في طاعتك
فإني اطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني
قد عشت لا اشرك في وحدتك
إن لم اكن اخلصت في طاعتك
فإني اطمع في رحمتك
وإنما يشفع لي أنني
قد عشت لا اشرك في وحدتك
(ملاحظة/ الرجاء خفض الصوت لأن الفيديو يحتوي على موسيقى)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق