ويكيليكس: سليمان حاول تخويف الامريكيين من "بعبع" الاخوان
كشفت برقيات دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس ان عمر سليمان، النائب الجديد للرئيس المصري، سعى دوما الى رسم صورة مخيفة لجماعة الاخوان المسلمين المعارضة خلال اتصالاته مع المسؤولين الامريكيين.
وتثير هذه التسريبات الشكوك بشأن دوره كوسيط امين في الازمة السياسية الحالية في مصر.وتضمنت برقيات للسفارة الامريكية سربها موقع ويكيليكس واطلعت عليها وكالة رويترز ان سليمان ـ رئيس المخابرات المصرية السابق ـ اتهم الاخوان بتفريخ المتطرفين المسلحين، وحذر في 2008 من انه اذا قدمت ايران الدعم للجماعة المحظورة فسوف تصبح "عدونا".
يأتي التسريب في الوقت الذي التقى فيه سليمان يوم الاحد بممثلين لجماعات واحزاب معارضة، من بينهم ممثلون لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة رسميا بغرض بحث سبل انهاء أسوأ أزمة سياسية تشهدها مصر منذ عقود.
وطرحت واشنطن خيارات للتعجيل باستقالة الرئيس حسني مبارك، ومن بينها سيناريو يتضمن تخليه عن كافة سلطاته لحكومة انتقالية يرأسها نائبه ويدعمها الجيش.
وعين مبارك، الذي ظل بلا نائب طوال حكمه الممتد منذ 30 عاما، سليمان (74 عاما) نائبا له في 29 يناير/كانون الثاني فور اندلاع احتجاجات شعبية مطالبة بانهاء حكمه.
ولن يثير ما يبديه سليمان سرا من ازدراء للاخوان دهشة المصريين، الذين اعتادوا موقف حكم مبارك المناويء للاسلاميين.
غير ان الكشف عن هذه البرقيات قد يثير الشكوك في الوقت الذي يسعى فيه سليمان الى جذب الجماعة المحظورة منذ زمن طويل الى الحوار بشأن الاصلاح.
والمؤشر الواضح من البرقيات المسربة يتمثل في ان المسؤولين الامريكيين كانوا متشككين في جهود سليمان لتصوير الاخوان المسلمين على أنهم "وحوش".
واستغلت حكومة مبارك كثيرا التهديد الاسلامي لتبرير استمرار حكمها الاستبدادي لسنوات.
كما تشعر الولايات المتحدة واسرائيل بالقلق بشأن مصير معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية الموقعة عام 1979 في حالة حصول الاخوان المسلمين على مزيد من النفوذ السياسي في مرحلة ما بعد مبارك.
وذكرت رويترز ان بي جي كراولي، المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية، رد على سؤال الوكالة عن الوثائق بقوله "نحن نرفض التعليق على أي وثيقة سرية منفردة".
وفي برقية بتاريخ 15 فبراير/شباط 2006 يقول السفير الامريكي في القاهرة انذاك فرانسيس ريتشاردوني ان سليمان "أكد ان الاخوان المسلمين فرخوا 11 منظمة اسلامية متطرفة اهمها جماعة الجهاد المصرية والجماعة الاسلامية".
وسحقت قوات الامن المصرية الجماعات الاسلامية، التي استهدفت السائحين والاقباط ووزراء في الحكومة ومسؤولين اخرين في التسعينات.
وشكلت جماعة الاخوان المسلمين جناحا عسكريا سريا من قبل، لكنها تقول الان انها ملتزمة بنشر سياساتها من خلال الوسائل السلمية والديمقراطية.
ولم تستطع الحكومة اثبات ضلوع الاخوان في تدبير اي عمل عنيف منذ ما يزيد على 50 عاما.
وانحى مبارك باللائمة في حديث ادلى به لقناة ايه بي سي يوم الخميس على الاخوان في اعمال العنف التي اندلعت يوم الاربعاء خلال احتجاجات شهدها ميدان التحرير بوسط القاهرة.
وقال شهود عيان ان انصار مبارك كانوا البادئين بالعنف.
وتقول برقية بتاريخ 2006 ان سليمان تحدث الى روبرت مولر، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان يزور القاهرة في فبراير عام 2006، واخبره ان الاخوان "ليست منظمة دينية ولا منظمة اجتماعية ولا حزبا سياسيا وانما هي خليط من كل ذلك".
ومضت البرقية تقول: "الخطر الرئيسي من وجهة نظر سليمان هو استغلال الجماعة للدين في التأثير على الناس وحشدهم".
وتضيف: "وصف سليمان النجاح الاخير للاخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية بانه مؤسف، مضيفا رؤيته بأنه على الرغم من ان الجماعة غير شرعية رسميا الا ان القوانين المصرية القائمة لا تكفي لكبح الاخوان المسلمين".
وتشير البرقية الى الانتخابات البرلمانية التي اجريت في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الاول 2005 والتي حقق فيها الاخوان مكاسب قوية على الرغم من احتفاظ الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم بالاغلبية.
وفي برقية اخرى بتاريخ 2 يناير 2008 قال ريتشاردوني ان سليمان قال ان ايران ما زالت تمثل "تهديدا كبيرا لمصر".
واعتبرت الحكومات الامريكية المتعاقبة حكم مبارك درعا ضد توسع النفوذ الايراني في العالم العربي، وهو تصور استغله الرئيس المصري لصالحه في الحصول على مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات.
ونقل السفير الامريكي عن سليمان قوله ان "ايران تدعم الجهاد وتفسد جهود السلام، وكانت تدعم المتطرفين في مصر من قبل واذا دعمت الاخوان المسلمين فهذا سيجعلها عدوا لنا".
وقال ريتشاردوني في برقية بتاريخ 25 اكتوبر/تشرين الاول ان سليمان يتبع خطا متشددا على نحو خاص بشأن طهران وانه يشير الى الايرانيين كثيرا بلفظ "الشياطين".
وتشير البرقيات الى ان المسؤولين الامريكيين ردوا دائما بتشكك في التحذيرات المصرية بخصوص الاخوان المسلمين.
وقال ريتشاردوني في برقية بتاريخ 29 نوفمبر 2005 لمولر، قبل زيارته لمصر، ان المسؤولين المصريين "لديهم تاريخ طويل من تهديدنا بوحش الاخوان المسلمين".
وكتب يقول: "ربما يحاول نظراؤك (المصريون) الاشارة الى ان اصرار الرئيس (جورج بوش انذاك) على ديمقراطية اكبر في مصر هو السبب وراء النجاح الذي حققه الاخوان المسلمون في الانتخابات. يمكنك أن ترد على ذلك بالقول انه على العكس فان صعود الاخوان المسلمين يشير الى الحاجة لمزيد من الديمقراطية والشفافية في الحكومة".
واضاف لبسفير في البرقية: "صور التخويف والتزوير التي ظهرت من الانتخابات الاخيرة تصب في صالح المتطرفين الذين نعارضهم نحن والحكومة المصرية. الطريقة المثلى للتصدي للسياسات الاسلامية ضيقة الافق هي انفتاح النظام".
وفي برقية بتاريخ 29 يناير 2006 بدا ان ريتشاردوني يستشرف الاضطرابات الحالية عندما كتب لمولر يقول: "لا نقبل الطرح بان الخيارات الوحيدة لمصر هي اما نظام مستبد بطئ الاصلاح واما نظام اسلامي متطرف كما لا نرى ان المزيد من الديمقراطية في مصر سيؤدي بالضرورة الى حكم على رأسه الاخوان".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق