الزائرين

free counters

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، مارس 06، 2014

عمر المختار (أسد الصحراء) ا

شخصيات تركت بصمة في التاريخ (1): عمر المختار (أسد الصحراء)
  •  ا
كثيرة هي الوجوه التي نراها ونسمع عنها قديما أو حديثا، لكن عددا منها تأبى الذاكرة أن تنساها، ويأبى التاريخ أن يمحو فضلها وذكرها من صفحاته، فتبقى شمسها مشرقة تأبى الأفول، حتى وإن غابت عن الدنيا جسدا، تبقى روحها تعيش ضمن إنجازاتها وما تركته للتاريخ ليفخر بها العالم.
ضمن هذه السلسلة، نتعرف وإياكم على بعض من الشخصيات التي كان لها أثر واضح على تاريخ البشرية، وتركت بصمتها لا يمحوها مرور السنين، ولا يؤذيها غبار الزمن، آملين أن تنال هذه السلسلة استحسانكم وتعم الفائدة للجميع.
نتحدث اليوم عن شخصية فذة، وعقل أرعب الإستعمار في حنكته العسكرية وخططه المتقنة، إنه عمر المختار، هذا الشيخ الليبي المجاهد الذي وقف في وجه الاستعمار الإيطالي وقاتل مع مجموعاته الجهادية رغم كبر سنه حتى آخر رمق رفضا لأشكال الذل والانصياع للمستعمر وأملا بالله بأن يجلب النصر لبلاده المحتلة.
فهو الشيخ عُمر بن مختار بن عُمر المنفي الهلالي، الشهير بعمر المُختار، والملقب بشيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء.
ولد في تاريخ 20 أغسطس من عام 1861 في البطنان ببرقة في الجبل الأخضر، وكفله أبوه وعني بتربيته تربيةً إسلاميَّة حميدة مستمدة من تعاليم الحركة السنوسية القائمة على القرآن والسنَّة النبويَّة. ولم يُعايش عمر المختار والده طويلًا، إذ حدث أن توفي والده وهو في طريقه إلى مدينة مكَّة لأداء فريضة الحج، فعهد وهو في حالة المرض إلى رفيقه أحمد الغرياني (شقيق شيخ زاوية جنزور) بأن يُبلّغ شقيقه بأنَّه عهد إليه بتربية ولديه عمر ومحمد. وبعد عودة أحمد الغرياني من الحج، توجه فوراً إلى شقيقه الشيخ حسين وأخبره بما حصل وبرغبة مختار بن عمر أن يتولّى شؤون ولديه، فوافق من غير تردد، وتولّى رعايتهما محققاً رغبة والدهما، فأدخلهما مدرسة القرآن الكريم بالزاوية، ثم ألحق عمر المختار بالمعهد الجغبوبي لينضم إلى طلبة العلم من أبناء الإخوان والقبائل الأخرى، وعمل معلما للقرآن الكريم والشريعة الإسلامية وهو في ريعان شبابه.
انضم إلى صفوف الحركة السنوسية عام 1895 عندما قرر محمد مهدي السنوسي ثاني زعماء السنوسية أن يأخذ عمر المختار معه برحلته إلى الكفرة في جنوب شرق الصحراء الليبية بعدما سمع السنوسي عن أخلاق وأدب عمر المختار الذي كان قد انضم إلى طلبة العلم في المعهد الجغبوبي في جغبوب.
كانت أخلاق عمر المختار الحميدة سببا في قربه إلى قائد الجماعة السنوسية والذي بدوره عينه شيخا لبلدة تسمى زاوية القصور بمنطقة الجبل الأخضر شمال شرق برقة، وكان عمر ممن تم اختيارهم لمواجهة الاستعمار الفرنسي الذي اتخذ الحركة السنوسية عدوا له بعد أن استعمر التشاد، وكلف عمر ليكون قائدا لأحد الكتائب التابعة للسنوسيين، واستمر عمر يقاتل جيوش الفرنسيين وجيش الانتداب البريطاني على الحدود المصرية الليبية حتى عام 1911 متنقلا من منصب إلى آخر في قيادة الحركة السنوسية.
في عام 1911 أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية، وبدأت إنزال قوَّاتها بمدينة بنغازي الساحلية شمال برقة في 19 أكتوبر الموافق الرابع من شوال عام 1329 هـ. وفي تلك الأثناء كان عمر المختار في مدينة الكفرة بقلب الصَّحراء في زيارة إلى السنوسيين، وعندما كان عائداً من هناك مرَّ بطريقه بواحة جالو، وعلم وهو فيها بخبر نزول الإيطاليين، فعاد مسرعاً إلى زاوية القصور لتجنيد أهلها من قبيلة العبيد لمقاومة الإيطاليّين، ونجح بجمع 1,000 مقاتل معه.
(عمر المختار مع بعض من المجاهدين)

واستمر قتال عمر المختار وجماعاته الجهادية التي كونها ضد الاستعمار الطلياني، ونشبت عدد من الحروب الطاحنة بين كلا الطرفين، هز بها عمر المختار ورفاقه صفوف الجيش الطلياني الذين بدورهم وضعوا عمر المختار على لائحة المطلوبين رغم أنه كان شيخا طاعنا بالسن، إذ كان يبلغ من العمر53 عاما عندما بدأ بالجهاد ضد الاستعمار الإيطالي. ومن أبرز المعارك التي دارت بين كلا الطرفين معركة بئر الغبي التي كتب بها النصر للمجاهدين الليبيين، ومعركة الرحيبة عام 1927 التي تكبد بها الإيطاليون خسائر جسيمة، ومعركة أم الشافتير (عقيرة الدم) وغيرها من المعارك الحربية.
استمر جهاد عمر المختار ضد الطليان ما يقرب ال20 عاما، إلى أن وقع بالأسر عام 1931م وأجريت له محاكمة صورية انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقا بتاريخ 15سبتمبر 1931، على الرغم من أنه كان شيخا طاعنا بالسن إذ بلغ عمره عندما تقدم للمحاكمة 73 عاما، وتم تنفيذ الحكم في صبيحة اليوم الثاني من المحاكمة يوم الأربعاء الموافق 16 سبتمبر 1931م، وكان آخر ما قاله وهو صاعد إلى منصة الإعدام أن تمتم بالأذان وتلى الآية القرآنية (يا أيتها النفس المطمئنة * ارجعي إلى ربك راضية مرضية).
(عمر المختار عند وقوعه في الأسر)
(أثناء اقتياد عمر المختار للإعدام)
حصد عمر المُختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاص أكثر بعد إعدامه، فأخبار الشيخ الطاعن في السن الذي يُقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب الذين كانوا يعانون من نير الاستعمار الأوروبي في حينها، وحثت المقاومين على التحرّك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو مُعلّق على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر، من العالمين الشرقي والغربي على حد سواء، فكبر المختار في أذهان الناس وأصبح بطلًا شهيدًا. رثا عدد من الشعراء المختار بعد إعدامه، وظهرت شخصيَّته في فيلم من إخراج مصطفى العقَّاد من عام 1981 حمل عنوان "أسد الصحراء"، وفيه جسَّد الممثل المكسيكي الأمريكي أنطوني كوين دور عمر المختار.
(أنطوني كوين ممثل دور عمر المختار في فيلم  Lion of the Desert)
(صورة الواجهة لفيلم Lion of the desert الذي تحدث عن حياة عمر المختار)

ت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الصحف العربيه

راديو القران

المجد للقرأن